غالبًا ما تجد بعض السيدات أن صداقاتهم تتغير عندما تصبح أحدهم أماً، رغم الجهود التي يبذلها كلا الجانبين لتفادي ذلك، فهذا أمر لا مفر منه. بالنسبة للأمهات، يتغير كل شيء في حياتهن تمامًا بعد الإنجاب. أما بالنسبة للأصدقاء، وبغض النظر عن حسن نيتهم، فإنهم سيجدون في كثيرٍ من الأحيان صعوبة بالغة في التواصل معك أو فهم أسباب تغير علاقتك بهم في هذه الظروف.
اعترف صديقا ناتالي وإيما منذ فترة طويلة أنهما قد عانيا من هذه الحالة عندما أنجبت إيما طفلها جاك العام الماضي. وجدت ناتالي صعوبة في التأقلم مع ذلك الموقف بسبب تغير اهتمامات صديقتها، رغم حب ناتالي لطفل إيما الجديد. تقول: ""بدأت في تجنب الرد على مكالماتها الهاتفية لأن كل ما كانت تتحدث عنه هو الطفل، فأنا أحب شخصها، ولكنني لا أرغب في معرفة عدد الحفاضات المتسخة التي قامت بتغييرها أو مدى تعبها في التعامل مع طفلها، فهي لم تعد قادرة على الدردشة أبدًا لأن الطفل دائمًا في حاجة إلى الرضاعة"".
شعرت إيما بدورها بالاستياء من ذلك نظرًا لعدم اهتمام صديقتها بها أو تقديم الدعم لها في حياتها الجديدة: "" كنا نتشارك كل شيء في حياتنا دائمًا، وكنت أدعمها عندما تذهب إلى وظائف جديدة وعندما انفصل عنها صديقها، وكنت أحب التحدث معها عن هذه الأمور"".
هذا الوضع شائع ومنتشر بين الأصدقاء ولكن وجود مولود جديد لا يعني أبدًا إنهاء الصداقة. وفقًا لما ورد في كتاب ""أفضل الأصدقاء""Best Friends، فإنه يجب أن يكون هناك تفاهم مشترك بين كلا الصديقين أن أحدهما قد أصبح أماً فهذا يعني وجود تحول وتغيير طبيعي في العلاقة بينهما.
عملت الدكتورة روثيلين جوسيلسون - عالمة في الاجتماع وخبيرة في علاقات الأصدقاء - والسيدة تيري أبتر - مؤلف مشارك في الكتاب - مع مئات الفتيات والسيدات على مدار سنوات عديدة، مما أعطاهم نظرة ثاقبة للعلاقات العاطفية المهمة التي تعتبر جزءًا لا يتجزأ من صورة الفتاة الذاتية. يستكشف كتاب أفضل الأصدقاء روابط الصداقة بين الفتيات وبين السيدات، ولحظات الحزن والفرح التي يمرون بها معًا منذ مرحلة المراهقة المبكرة وطوال فترة حياتهم.
فطبيعي ما تنقطع بعض الصداقات، ولكن إذا كان لديك صديق عزيز تهتمين لأمره بشدة، فيجب عليك أن توضحي له أن هذه العلاقة مهمة جدًا بالنسبة لك وأنك ترغبين في استمرارها.
لذا، فبالنسبة لتلك الصداقات التي أصبحت متعبة، فهذا يعني ضرورة اتخاذ لتلك العلاقة. سيتعين عليك أحيانًا إجراء مكالمة صعبة مفادها أن هذه هي نهاية علاقتنا.
لذا فإن مفتاح الحفاظ على هذه الصداقات هو وضع حدود جديدة:
التواصل بصراحة:
أمر لا غنى عنه في هذه الحالات. أجرت إيما وناتالي مكالمة هاتفية طويلة حيث ناقشت كلاهما مخاوفهما وأعربت عن استيائهما. وهذا يعني أنهما كانا قادرين على تنحية هذه الأمور جانباً وفتح صفحة جديدة في علاقتهما، مع الاعتراف بتغير ظروفهما عما كانت عليه قبل ذلك. وكانت الخطوة العملية للاستمرار في هذه العلاقة هي الموافقة على البقاء على اتصال دائم عبر إرسال رسائل نصية أو عبر البريد الإلكتروني. وهذا يعني أن إيما كانت قادرة على الرد عندما يكون الطفل نائمًا أو عندما يكون لديها بعض وقت الفراغ.
المواعدة:
اتفقا على تحديد موعد للاطمئنان على أخبار الآخر بانتظام مرة واحدة في الشهر عندما تكون إيما غير مشغولة بطفلها أو أن تقوم ناتالي بزيارتها في وقت يتناسب مع موعد نوم جاك.
الاستماع:
وقد اتفقا على إظهار الاهتمام بحياة بعضهما والاستماع إلى ما يقوله الآخر جيدًا. بالنسبة لإيما، فهي قادرة على البقاء على تواصل مع كل من كانت تعرفه قبل إنجاب طفلها، وقد مكنتها ناتالي من البقاء على تواصل مع عالم لم تعد جزءًا منه، لكنها ما زالت تستمتع بالسماع عنه. أما بالنسبة لناتالي، فقد كان هذا يعني التعرف على عالم جديد تمامًا ومواصلة تطوير علاقتها كعمة بالتبني مع الطفل جاك.
إعادة ضبط التوقعات هو مفتاح الحفاظ على الصداقات بعد الإنجاب. بالنسبة لإيما وناتالي، فقد كان ذلك الاتفاق بينهما بمثابة تجديد أواصر الصداقة بينهما.
للاطلاع على المزيد من كتب تيري أبتر وروثيلين جوسيلسون:
Amazon.com - Best Friends
The Myth of Maturity: What Teenagers Need from Parents to Become Adults - TE Apter
Playing Pygmalion: How People Create One Another - Ruthellen Josselson
Loose Relations: Your In-Laws and You
