أصبح طفلك بعمر السنة والنصف، ولكن لا يبدو وكأنه قد مر وقتًا طويلًا مُنذ أن كان رضيعًا، فقد يكون هذا العمر مُعقدًا للوالدين الذين ينظرون إلى طفلهم على أنه بالكاد قد كبر من جانب، ولكنه لا يزال صغيرًا جدًا من جانب آخر.
سوف يفاجئك طفلك الصغير كل يوم بما يمكنه تذكّره ومدى تحمّسه لأقل شيء، وسيكون إدخال شيء جديد إلى المنزل سببًا للقيام بفحص وتحريكٍ أكثر دقّةً، ولكن لا تتوقعي أن يفهم طفلك ما تعنيه كلمة ""لا تلمس""، فإنه مُنقاد للتعرف على العالم من خلال اللمس والشعور، لذا فإن محاولة منع هذه الغرائز ستكون شبه مستحيلة، وحتى أن بعض الأطفال يحبون لعق الأشياء أو تذوقها أيضًا، وبذلك يحصلون على أقصى قدر من المُدخلات الحسّية.
سيظل طفلك بحاجة إلى الكثير من العواطف التي تمنحينه إياها حينما يشعر بعدم الاستقرار، وعلى الرغم من أنه مُنقاد لاستكشاف محيطه، إلا أنه بحاجة أيضًا إلى الشعور بالأمان الكافي للابتعاد عن جانبك، فلا يمكنه القيام بذلك إلا إذا كانت احتياطاته العاطفية ممتلئة، ولا تعتقدي بأن طفلك يائس أو ضعيف عندما يريد التشبث بك وعدم تركك بعيدًا عن أنظاره، إذ أن تغيير الروتين اليومي أو الانتقال إلى منزل جديد أو ولادة طفل جديد في الأسرة وغيرها من الأحداث قد تؤدي إلى حدوث تغيير مؤقت في سلوك طفلك ذو الثمانية عشر شهرًا.
النمو والتطور
يجب أن يكون طفلكِ قادرًا على المشي دون مساعدة تمامًا في هذا الوقت وحتى الجري في بعض الأحيان، فإذا تمت مطاردته كجزء من لعبة، فقد يفقد توازنه بسهولة، خاصةً إذا كان يضحك في نفس الوقت، حيث أن هذا الأمر سيستغرق قدرًا لا بأس به من التركيز لتنسيق المشي والجري والتسلق والصعود، لكنكِ ستندهشين من السرعة التي يُطور بها طفلك كفاءة مهاراته الحركية.
ابحثي عن الألعاب الخارجية التي تعزّز قدرته على التسلق، مثل مجموعات الأرجوحة وإطارات التسلق القائمة بذاتها، فإن شراء واحدة من هذه الأشياء سيمنح طفلك ساعاتٍ من المتعة، وسيساعد في تعزيز قوته البدنية ومرونته.
سيربط طفلك الصغير أجزاء من الجسم بأسماء حوله الآن، لذا العبي معه لعبة ""أين أنفك/ فمك/ بطنك/ عينيك""، ويمكنك أيضًا لعب هذا باستخدام لعبة دب أو دمية، واطلبي منه الإشارة إلى الجزء الصحيح من اللعبة.
من المحتمل أن ينطق الطفل بعض الكلمات الواضحة بحلول الشهر الثامن عشر، والتي تصل إلى 20 كلمة، إلا أن ذلك لن يعكس فهمه للعديد من الكلمات الأخرى. اطلبي من طفلك إحضار شيء لك وشاهديه وهو يؤدي المهمة، ولكن لن يكون مستوى فهمه مساويًا لقدرته على الكلام في هذا الشهر.
اللعب والتفاعل
من المهم أن توفري الكثير من أقلام التلوين والدهانات والفُرش والورق من الأنواع غير السامة، إذ أن ذلك يتساوى في الأهمية مع تشجيع طفلك على ممارسة مهاراته الحركية الدقيقة واكتشاف الجانب الإبداعي له. كما يشيع بين الأطفال -إضافة إلى ما ذكر- تنفيذ أنشطة مثل صنع الملصقات والرسم بالأصابع واللعب بالصلصال؛ لذا اجعلي طاولة اللعب بارتفاع مناسب للطفل، بحيث يمكنه الوصول إليها بكل سهولة مع توفير شعور له أنه مرحب به في هذا المكان بغرض اللعب.
احذري تنظيف المكان بسرعة، لأن فترة اهتمام الطفل في هذه الفترة بكل نشاط على حدا تكون قصيرة جدًا وسرعان ما يتنقل من نشاط إلى آخر على الأرجح، فوضحي له كيف يستخدم الأدوات عدة مرات وبعد ذلك حفزيه على التجربة بنفسه، إذ يميل طفلك في هذه المرحلة إلى الاستقلالية بشكل كبير جدًا، لذا ستجدين أنه يريد أخذ دوره ويفعل كل ما تفعلينه، كما عليكِ مدحه على أي جهد يبذله وأخبريه بأنه ذكي جدًا، حيث أن اهتمامك به وتعقيباتك الإيجابية عليه شيء مهمٌ جدًا بالنسبة له فيما يتعلق ببناء احترامه لذاته وثقته بنفسه.
تنمية مهارات طفلك
اقرئي لطفلك كل يوم قصة واتركي له حرية اختيار القصة التي يحبها، وستكتشفين أنه ستصبح له قصصًا مفضلة وأنه يرغب في العودة إليها المرة تلو الأخرى، لدرجة أنكِ ستشعرين بالملل بشكل كبير عند قراءة نفس القصة القديمة، إلا أنه يحب التنبؤ بالأحداث ثم طمأنته بحدوثها.
اقرئي بنبرة صوت مناسبة، واجعلي نبرة صوتك هذه تجسد أكبر قدر ممكن من الشخصيات والرسوم المتحركة، ولا تظني أن تلك المحاولات ستكون موضع انتقاد بالنسبة لطفلك، بل ستجدينه يحاكيها. راقبيه وهو يقلب الصفحات، فإنه لا يقلبها صفحة بصفحة ولكنه يقلبها في مجموعات، أظهري له أنك تقرئين الصفحة اليسرى أولاً ثم اليمنى، كما يمكنك تتبع الكلمات بإصبعك. وبرغم أنه لا يفهم بعد ماذا يعنيه هذا الأمر، إلا أن كثرة عرض الأمر وتكراره أمامه سيجعلانه في نهاية الأمر يفهم تمامًا معنى تلك الحركات التي كنتِ تؤدينها.
ما يمكنكِ توقعه في هذا الشهر
لا يزال طفلك يحتاج إلى النوم أثناء النهار في هذا العمر إلا أنه ربما يكون له رأيًا آخر، وتطرأ له أفكار أخرى، فمعظم الأطفال يستيقظون في الصباح ما بين الساعة 6:30 صباحًا وحتى 7 صباحًا تقريبًا، وهذا يعني أنهم على الأغلب سيحتاجون للنوم مرة أخرى بعد الغداء، فإذا وجدت طفلكِ متعبًا جدًا على أن يتناول طعام الغذاء، يمكنكِ تقديم وجبة الغداء مبكرًا أو تقديم تصبيرة صباحية كبيرة، ثم يتناول الغداء بعد ذلك عند الاستيقاظ. اجعلي الوضع متهيئا لنومه أثناء النهار تمامًا كما تفعلين بالليل، أما إذا وجدتِ طفلكِ غير مستريح في النوم أثناء النهار، فحاولي إظلام غرفته قليلاً.
سيستطيع طفلك الانحناء في هذه الفترة والتقاط الأشياء من على الأرض دون أن يفقد توازنه، كما سيسقطها من يده بعد ذلك، فتابعيه حينما يركز على الأشياء الصغيرة الموجودة على الأرض وحفزيه حتى يتمكن من التقاطها لفحصها عن قرب، وإذا وجدتِ أن طفلك لا يركز على الأشياء، أو أن منظر عينيه أو إحدى عينيه غير معتاد، أو يحرك رأسه حتى يتمكن من رؤية الأشياء بشكل أكثر وضوحًا، اذهبي في أقرب وقت ممكن لإجراء فحص بصري له، فكلما كان تحديد مشاكل البصر مبكرًا، كلما كان علاجها أسهل ونتائجها أفضل.
الغذاء والتغذية
وفري لطفلك فرصة مساعدتك في إعداد الطعام قدر الإمكان. ومن الأشياء المسلية للأطفال والمناسبة لهم أيضًا وضع الطماطم الكرزية في السلطة، وتقطيع أوراق الخس، وخلط المكونات، وهذا الأمر يعمل على مساعدة طفلك على معرفة الأشياء التي يجب وضعها مع بعضها لأجل إعداد وجبة، لذا احرصي على القيام بذلك حتى ولو في تحضير أبسط وجبة ممكنة، ودعيه يساعدك في تجهيز مائدة الطعام وفي إحضار أدوات الطعام، وضعي كرسيه المرتفع أو كرسي طعام الأطفال الخاص به بجوار مائدة الطعام واجعليه يجلس بشكل دائم مع التجمع العائلي ويكون جزءً لا يتجزأ منه.
إذا رأيتِ أنه لا يتناول سوى القليل من الطعام، أعطيه وأعطي كل من على المائدة طبقًا فارغًا ليملؤوه واتركي كل واحد يملأه بنفسه من الأطباق الموجودة على المائدة، ولا تعيري طفلك الكثير من الاهتمام أو لا تعيريه أي اهتمام أصلًا بمجرد إعطائه طبقه الخاص إلا عندما يشير بيده إلى بعض أصناف الطعام فأعطيه حينها بعضًا منها، كما يمكن تغيير عادة الطفل الذي يريد جذب الاهتمام إليه أثناء أوقات الوجبات عن طريق تقليل الاهتمام به أثناء الأكل، واللعب والتحدث إليه في غير أوقات الطعام.
حافظي على صحة طفلك
يتلقى طفلك هذا الشهر التطعيمات الخاصة بالأطفال ذوي الثمانية عشر شهرًا، لذا حددي موعدًا مع طبيبك أو في العيادة الصحية القريبة منكِ ليتلقى التطعيمات الخاصة به، ولا تنسي أن تأخذي معكِ البطاقة الصحية الخاصة به حتى يمكن تسجيل هذه التطعيمات بها.
إذا خرجتِ مع طفلك في الشمس، لا تنسي حماية بشرته وعينيه من أشعة الشمس، فإن جلده رقيق وتظهر عليه حروق الشمس بسهولة، وتجنبي الخروج في الشمس في الفترة ما بين الساعة العاشرة صباحًا والثالثة ظهرًا، وتذكري أن الشمس ضارة في تلك الفترة في الشتاء بنفس القدر الذي تكون فيه ضارة في فصل الصيف، وبالمثل لا تنسي حماية عيني طفلك، فمرض الضمور البقعي من ضمن الأمراض التي يمكن أن يبدأ ظهورها في مرحلة الطفولة، وعودي طفلك البالغ من العمر ثمانية عشر شهرًا على نظام غذائي غني بالخضروات الطازجة والفواكه، واعتني بنفسك أنتِ أيضًا في أخذ التدابير الصحية اللازمة لوقاية بشرتك من أشعة الشمس، ولا تنسي تنظيف أسنان طفلك مرتين يوميًا بفرشاة أسنان ناعمة ورأس صغيرة وكمية من معجون أسنان يحتوي على الفلورايد بحجم حبة البازلاء، وعند الانتهاء من تنظيف الأسنان بالفرشاة، حفزيه على إخراج معجون الأسنان ببصقه من فمه، ولا تقلقي عند ابتلاعه له، وذلك لأن الفلورايد يعمل في كلا الحالتين، موضعيًا عندما يستخدم في تنظيف الأسنان ويعمل بشكل وظيفي عندما يبتلعه الطفل. وعليكِ استخدام نوع معجون أسنان خاص بالأطفال بحيث يحتوي على كمية فلورايد تتناسب مع أسنان طفلك.
نصائح عامة
• في حال كان طفلك لا زال يستيقظ ليلًا، فكوني حذرة بشأن تصرفاتك معه حيال ذلك الأمر.
o إذا قمتِ بإطعامه، أو منحتِه الكثير من الأحضان، أو وفرتِ له فرصة الاستيقاظ لمشاهدة جهاز أقراص الفيديو أو أخذتِه في سريرك، فمن المحتمل أن يفسر ذلك باعتباره ""مكافأة"" له على استيقاظه.
• لا تثقي في معرفة طفلك لكيفية التعامل بلطف مع الحيوان الأليف الخاص بالعائلة.
o فهو ما زال صغيرًا على تعلم معنى التعاطف مع الحيوانات وتعلم مهارات التعامل معها بالقدر المطلوب من الحذر، وإياكِ أن تتركي طفلك بمفرده مع كلب، مهما كانت ثقتك بالكلب الخاص بكِ.
• ألبسي طفلك الحذاء الخاص به عندما يخرج، خاصة عند الخروج خارج فناء المنزل الخاص بكِ.
o إن قدمه لا زالت ناعمة وتحتاج إلى حمايتها من الحجارة الصلبة ومن الأرض ويكون ذلك من خلال ارتداء الأحذية. فلا تقلقي إذا كانت قدميه ما زالتا مستويتين من الأسفل، فمع مرور الوقت سيظهر بداخلهما الشكل القوسي والمظهر المطلوب بشكل أكبر.
• إذا كنتِ في حاجة إلى الاطمئنان على طفلك عندما يكون نائمًا في السرير، فأهلا بكِ في نادي الأمهات!
o حيث يفعل الوالدان ذلك الأمر منذ قديم الأزل للاطمئنان على سلامة أطفالهم. ويمارس الوالدان، وخاصة الأمهات، طقوسًا معتادة خاصة بهذا الشأن إلى أن يهدأ طفلهم تمامًا ويذهب في سباته العميق، وذلك بهدف الاطمئنان على سلامته.