ما هي الحمى الغدية؟
ربما نكون قد عانينا من العدوى الفيروسية المروعة التي تسمى بالحمى الغدية في وقتٍ ما دون معرفتنا بذلك، ولقد سمعت من يقول لم أصب بها من قبل، ولكن أتتذكرين التهاب الحلق البغيض الذي تسبب لكِ في صعوبة البلع؟ أو أتتذكرين شعورك بالقشعريرة ومن ثم التعرق أو شعورك بالآلام والأوجاع ونفورك من الطعام! لربما كانت تلك الأعراض الشبيهة بأعراض الانفلونزا هي أعراض الحمى الغدية. نعم هذا صحيح. تعتبر الحمى الغدية (أو كما يُسمى ""مرض التقبيل"" لأنه ينتقل عن طريق اللعاب) مصطلح شائع يستخدم لوصف العدوى الفيروسية الحادة؛ كما أن اسمها الصحيح هو كثرة الوحيدات العدائية، ويُعرف الفيروس الذي يسبب الحمى الغدية باسم فيروس إبشتاين بار. وتصيب الحمى الغدية بشكل رئيسي المراهقين والشباب.
وعادة لا تعد الحمى الغدية خطيرة، حيث إن معظم البالغين، الذين أُصيبوا بفيروس إبشتاين بار وهم أطفال، يكون جسمهم قد كوّن أجسامًا مضادة للفيروس ولن يصابوا به مرة أخرى، إلا أن مضاعفات الحمى الغدية قد تكون أكثر خطورة من المرض نفسه.
ما هي الأعراض؟
غالبًا ما يشتكي الأطفال من التهاب في الحلق وقد يصابون بالحمى، ويعتبر الإعياء الشديد أيضًا شكوى شائعة وهذا من شأنه أن ينبه الوالدان إلى أن هناك شيئًا أكثر من مجرد أنفلونزا كامنة. سيفحص طبيبكِ حالة اللوزتين والبلعوم لطفلكِ، حيث يستوطن الفيروس الخبيث بهذه المناطق، فإذا وجد آثارًا هناك، فقد يشتبه الطبيب في الإصابة بكثرة الوحيدات العدائية (الحمى الغدية) ويوصي بإجراء مزيد من الفحوصات للتأكد من ذلك. مثل معظم الجوانب الصحية، فإن الحمى الغدية يمكن أن تظهر بطرق غريبة، فعلى سبيل المثال، يمكن أن يكون بعض الأشخاص بلا أعراض، أو بعبارة أخرى لا تظهر عليهم أي أعراضٍ واضحةٍ على الإطلاق.
لذا، سيبحث طبيبكِ عن مجموعة من الأعراض لإجراء تشخيص أكثر تأكيدًا.
وتشمل (ومصطلحاتها) ما يلي:
• تضخم الغدد الليمفاوية (تضخم العقد اللمفية)،
• تضخم الطحال،
• اصفرار لون الجلد والعينين (اليرقان)،
اختبار الدم هو طريقة جيدة لتشخيص العدوى النشطة وما إذا كنتِ قد أصبتِ بالفيروس في الماضي.
العدوى، مدتها وانتشارها
تحتاج العدوي لفترة تمتد من 4 إلى 6 أسابيع للتطور (من وقت الإصابة بالفيروس)، حيث يكون عدد الكريات اللمفية المصابة بالحمى الغدية صغيرًا، مما يصعب اكتشافها مبكرًا؛ بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون الشخص مصابًا لعدة أشهر ولا يعرف ذلك. ففي بعض الحالات، يمكن أن تستمر فترة العدوى لأكثر من عام، لذا يمكنكِ معرفة سبب انتشارها. يعتبر التقبيل وسيلة مباشرة لنقل العدوى وكذلك الأشياء التي يضعها الأطفال في أفواههم ومشاركة الطعام بين الأشخاص.
ولحسن الحظ، لا تكون أعراض الحمى الغدية شديدة للغاية عند الأطفال الصغار، وغالبًا ما تسبب أعراضًا خفيفة جدًا وأحيانًا لا تسبب أي أعراض على الإطلاق.
هل يجب أن أُبقي طفلي في المنزل؟
لا تُوصي العديد من الوكالات والمتخصصين في الرعاية الصحية بإبقاء الطفل السليم في المنزل إذا كان مصابًا بالفيروس، فليس من الطبيعي بقاء الطفل خارج المدرسة أو رعايته لأشهر متتالية. بالطبع، إذا لم تكوني أنتِ أو طفلكِ على ما يرام ولم تكونا على استعداد للخروج من المنزل، فالراحة هي الحل المثالي وعليكِ استشارة طبيبكِ للحصول على مزيد من النصائح.
كيف يمكنني علاجها؟
لا يوجد علاج حاليًا للحمى الغدية، ولكن الأعراض ستختفي في غضون أسابيع قليلة، ومع ذلك، هناك أشياء يمكنكِ القيام بها للتغلب على هذه الأعراض:
شرب السوائل
من المهم شرب الكثير من السوائل (يفضل الماء أو عصير الفاكهة خالي من السكر) لتجنب الإصابة بالجفاف، حيث سيساعد هذا أيضًا في تخفيف أعراض الحمى والتهاب الحلق. وتجنبي شرب الكحوليات أيضًا، لأن ذلك قد يؤدي إلى تلف الكبد الذي سيضعف بالتأكيد نتيجة الإصابة بالعدوى.
المسكنات
يمكن لمسكنات الألم التي لا تستلزم وصفة طبية مثل الباراسيتامول أو مضادات الالتهاب غير الستيرويدية مثل الإيبوبروفين أن تساعد في تخفيف أعراض الألم والحمى. ويجب مراعاة أنه يحذر إعطاء الأطفال أقل من 16 عامًا أقراص الأسبرين، حيث يترتب عليه خطر ضئيل، إذ يمكن أن يؤدي إلى حالة صحية نادرة ولكنها خطيرة تسمى متلازمة ""راي""، والتي تؤثر على الكبد والدماغ.
الراحة
يجب الحصول على قسط كبير من الراحة في أول أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع بعد ظهور أعراض الحمى الغدية، ومع ذلك، لم يعد يوصى بملازمة الفراش للراحة بشكل كامل، حيث يمكن أن تتسبب في استمرار أعراض التعب لفترة أطول. يجب عليكِ زيادة أنشطتكِ تدريجيًا مع استعادة عافيتكِ، ولكن من المهم تجنب الأنشطة التي لا يمكنكِ ممارستها بشكل مريح.
ويمكنكِ العودة إلى العمل أو الكلية أو المدرسة بمجرد أن تشعري أنكِ بصحة جيدة. يصبح احتمال انتشار العدوى بين الآخرين ضئيلاً طالما أنكِ تتبعين الاحتياطات الوقائية، مثل عدم تقبيل أشخاص آخرين أو مشاركة الأدوات أو الطعام.
في الشهر الأول بعد ظهور الأعراض، تجنبي الرياضات الجماعية التي تتطلب الاحتكاك الجسدي أو الأنشطة التي تعرضكِ لخطر السقوط. وهذا لأنه إذا كان لديكِ تضخم في الطحال، فإنه سيكون أكثر عرضة للتلف وقد تؤدي الضربة المفاجئة إلى تمزقه.
الماء المالح
قد تساعد الغرغرة بالماء المالح في تخفيف أعراض التهاب الحلق. اخلطي نصف ملعقة صغيرة من الملح (2.5 جم) مع ربع لتر من الماء (250 مل).
وإذا كان عمركِ يزيد عن 16 عامًا، فقد تجدي أن إذابة الأسبرين في الماء يوفر بعض الفوائد الإضافية، ولكن يجب ألا يتناول الأطفال أقل من 16 عامًا الأسبرين.
المضادات الحيوية ومنشطات الستيرويد
قد يصف لكِ طبيبكِ مضادات حيوية. مع أن المضادات الحيوية ليست فعالة ضد أي عدوى فيروسية مثل الحمى الغدية، ولكن قد يصفها الطبيب لكِ إذا لاحظ إصابتكِ بعدوى بكتيرية ثانوية في الحلق أو الجيوب الأنفية أو اللوزتين.
وقد يدفع الالتهاب الحاد في اللوزتين أو الحلق طبيبكِ إلى وصف جرعة قليلة من الستيرويد لسرعة تخفيف الأعراض.
في النهاية
تذكري الحصول على الراحة التامة، حيث يمكن زيادة سرعة التعافي من خلال الحصول على الراحة التامة والاستفادة من قوى الشفاء الطبيعية من خلال النوم. بالطبع، بمجرد أن تبدأ الأمور في التحسن، من المهم أن تبدئي في ممارسة النشاط مرة أخرى ولكن لا تفرطي في الضغط على أجهزة الجسم، وعلى وجه التحديد، تجنبي رفع الأثقال والرياضات الجماعية التي تتطلب الاحتكاك الجسدي لتجنب خطر الإصابة بتمزق الطحال.